صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه
قال
الشيخ: قد ذكرنا أن أمه آمنة رأت عند ولادته نورا أضاء له المشرق والمغرب
وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: رأت أمي نورا أضاءت له قصور الشام
وقد ذكرنا شق بطنه في صغره وحديث ميسرة والراهب وحديث بحيرا والغمامة التي
كانت تظله والأحاديث في هذا كثير، إلا أنا نروم الاختصار فلهذا نحذف.
عن
عمرو بن سعيد أن أبا طالب قال: كنت بذي المجاز ومعي ابن أخي -يعني النبي
صلى الله عليه وسلم -فأدركني العطش فشكوت إليه فقال: يا ابن أخي قد عطشت.
وما قلت له ذلك وأنا أرى أن عنده شيئا؛ إلا الجزع. فثنى وركه ثم نزل فأهوى
بعقبه إلى الأرض فإذا بالماء فقال: اشرب يا عم فشربت.
وعن ابن عباس قال: أول شيء رأى النبي صلى الله عليه وسلم من النبوة أن قيل له استتر، وهو غلام، فما رئيت عورته من يومئذ.
وقالت
بره بنت أبي تجرأة: لما ابتدأه الله تعالى بالنبوة كان إذا خرج لحاجته
أبعد حتى لا يرى بيتا ويفضي إلى الشعاب وبطون الأودية، فلا يمر بحجر ولا
شجرة إلا قال: السلام عليك يا رسول الله فكان يلتفقت عن يمينه وشماله وخلفه
فلا يرى أحدا.
وعن
جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف حجرا بمكة
كان يسلم علي قبل أن أبعث. إني لأعرفه الآن روه الإمام أحمد وانفرد
بإخراجه مسلم.
فلما
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة شهد بنيان الكعبة
وتراضت قريش بحكمه فيها، وكانوا قد اختلفوا فيمن يضع الحجر، فاتفقوا على أن
يحكم بينهم أول داخل يدخل المسجد فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا: هذا الأمين، فقال: هلموا ثوبا، فوضع الحجر فيه وقال: لتأخذ كل
قبيلة بناحية من نواحيه وارفعوه جميعا، ثم أخذ الحجر بيده فوضعه في مكانه.
فلما أتت له أربعون سنة ويوم بعثه الله عز وجل وذلك في يوم الاثنين.
.........................
ذكر بدو الوحي
روى مسلم في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الاثنين، فقال: فيه ولدت وفيه أنزل علي .
وقد
روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: نزل جبرئيل على رسول الله صلى
الله عليه وسلم بالرسالة يوم سبع وعشرين من رجب، هو أول يوم هبط فيه. وقال
ابن إسحق: ابتدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتنزيل في شهر رمضان.
وعن
عائشة أنها قالت: أول ما ابتديء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي
الرؤيا الصادقة، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. ثم حبب إليه
الخالاء فكان يأتي جبل حراء يتحنث فيه، وهو التعبد الليالي ذوات العدد،
ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها، حتى فجئه الحق وهو في غار
حراء فجاءه الحق فيه فقال: اقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت:
ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ.
فقلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني
فقال: اقرأ باسم ربك الذي خلق سورة العلق 1، قال: فرجع بها ترجف بوادره حتى
دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال: يا
خديجة مالي وأخبرها الخبر. قال: قد خشيت علي فقالت له: كلا أبشر فوالله لا
يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين
على نوائب الحق.
ثم
انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو
ابن عم خديجة أخي أبيها وكان أمرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب
العربي، فكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد
عمي، فقالت خديجة: أي ابن عم اسمع من ابن أخيك. قال ورقة: يا ابن أخي ما
ترى? فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس
الذي أنزل على موسى صلى الله عليه وسلم، يا ليتني فيها جذعا أكون حيا حين
يخرج قومك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أومخرجي هم? فقال ورقة: نعم،
لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا.
ثم
لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه
وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما
أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه يبدى له جبريل عليه السلام فقال: يا
محمد إنك رسول الله حقا. فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه صلى الله عليه وسلم
فيرجع، فإاذ طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة جبل تبدى
له جبريل عليه السلام فقال مثل ذلك. أخرجاه في الصحيحين.
وعن
جابر بن عبد الله: قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن فترة
الوحي قال في حديثه: فبينا أنا أمشي: سمعت صوتا من السماء، فرفعت رأسي فإذا
الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فجئثت منه رعبا
فجئت فقلت زملوني. فدثروني، فأنزل الله عز وجل يا أيها المدثر سورة المدثر
1، أخرجاه في الصحيحين.
ومعنى فجئثت فرقت يقال رجل مجؤوث.
............................................
[b]ذكر كيفية إتيان الوحي إليه صلى الله عليه وسلم
[/b]
[b]عن
عائشة: أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول
الله كيف يأتيك الوحي? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحيانا يأتيني
في مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانا
يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول، قالت عائشة: وقد رأيته ينزل
عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا أخرجاه في
الصحيحين. [/b]
[b]واخرجا
من حديث يعلى بني أمية أنه كان يقول لعمر: ليتني أرى رسول الله. صلى الله
عليه وسلم حين ينزل عليه الوحي. فلما كان النبي. صلى الله عليه وسلم في
الجعرانة جاءه رجل فسأله عن شيء، فجاءه الوحي، فأشار عمر إلى يعلى أن تعال،
فجاء يعلى فأدخل رأسه فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة ثم سري عنه. [/b]
[b]وعن
زيد بن ثابت قال: إني قاعد إلى جنب النبي. صلى الله عليه وسلم يوما إذا
أوحي إليه و غشيته السكينة ووقع فخذه على فخذي حين غشيته السكينة. قال زيد:
فلا والله ما وجدت شيئا قط أثقل من فخذ رسول الله.)ثم سري عنه فقال: اكتب
يا زيد.
وفي
أفراد البخاري من حديث زيد بن ثابت قال: أملى علي رسول الله.صلى الله عليه
وسلم لا يستوي القاعدون من المؤمنين سورة النساء -95 فجاءه ابن أم مكتوم و
هو يمليها علي فقال: و الله يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت. و كان
أعمى. فأنزل الله عز وجل على رسوله و فخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن
ترض فخذي، ثم سري عنه فأنزل الله عز و جل غير أولي الضرر سورة النساء -95.
وقال عبادة بن الصامت: كان رسول الله. صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي كرب له و تربد وجهه.
و
قال أبو أروى الدوسي: رأيت الوحي ينزل على رسول الله. صلى الله عليه وسلم و
أنه على راحلته فترغو و تفتل يديها حتى أظن أن ذراعها تنفصم، وربما بركت
وربما قامت موئدة يديها حتى يسرى عنه من ثقل الوحي، و أنه ليتحدر منه مثل
الجمان
[/b].....................................
[b]ذكر رمي الشياطين بالشهب لمبعثه [/b]
[b]قال العلماء بالسير: رأت قريش النجوم يرمى بها بعد عشرين يوما من مبعث رسول الله.). [/b]
[b]عن
ابن عباس قال: انطلق رسول الله. صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه
عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، و أرسلت عليهم
الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: مالكم? فقالوا: حيل بيننا وبين خبر
السماء و أرسلت علينا الشهب. قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا ما
حدث فاضربوا مشارق الأرض و مغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر
السماء. قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله. صلى الله عليه
وسلم بنخلة و هو عامد إلى سوق عكاظ و هو يصلي بأصحابه صلاة الفجر فلما
سمعوا القرآن تسمعوا له فقالوا:هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء. فهنالك
رجعوا إلى قومهم فقالوا أنا سمعنا قرانا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به و
لن نشرك بربنا أحدا سورة الجن -2 و أنزل الله على نبيه: قل أوحي إلي أنه
استمع نفر من الجن سورة الجن -1 أخرجاه في الصحيحين. [/b]
[b]و
عنه قال: كان الجن يسمعون الوحي فيسمعون الكلمة فيزيدون عليها عشرا فيكون
ما سمعوه حقا و ما زادوه باطلا. وكانت النجوم لا يرمى بها قبل ذلك، فلما
بعث النبي. صلى الله عليه وسلم كان أحدهم لا يقعد مقعده إلا رمي بشهاب يحرق
ما أصاب. فشكوا ذلك إلى إبليس فقال: ما هذا إلا من أمر قد حدث، فبث جنوده
فإذا هم بالنبي. صلى الله عليه وسلم يصلي بين جبلي نخلة فأتوه فأخبروه
فقال: هذا الذي حدث في الأرض.
قال
الشيخ: وهذا الحديث يدل على أن النجوم لم يرم بها قبل مبعث نبينا.). وقد
روينا عن الزهري أنه قال: قد كان يرمى بها قبل ذلك و لكنها غلظت حين بعث
النبي.).
[/b]
.................................
ذكر اعتراف أهل الكتاب بنبوته
[/b][/color][/b]